الجمعة، 16 يناير 2015

تأثير اللغة العربية على اللغات العالمية

ينضاف إلى هذا العامل عامل التفوق الحضاري ، وبفعل الغلبة الحضارية. إن الرحالة الأوروبيين تعجبوا من حضور اللغة العربية في أفريقيا، وسجلوا ملاحظات حول ذلك. وقد ذكر المستشرق " فرنسيس مور " هذه الظاهرة قائلا:" في كل دولة أو بلد على كل من جانبي النهر (نهر غامبيا ) توجد جماعة ذات بشرة سمراء تدعى "الفولز أو الفلاني" وهم يشبهون العرب ومعظمهم يتكلم العربية…" ويقول توماس أرنولد: " ..بلغت اللغة العربية حدا يفوق كل وصف من الغنى والجمال [بل إنها] أصبحت لغة التخاطب بين قبائل نصف القارة ." ويقول أول حاكم فرنسي لقلعة فورت دو فين بالجنوب الملغاشي حين أدهشه ما رأى من حضور العربية في الأوساط الشعبية " إن الملغاشية ترتبط كثيرا بالعربية" وذكر آخر معاصر له قائلا" إن الملغاشيين يتكلمون العربية" . لقد اضطر الاستعمار عند دخوله القارة أن يتخذ العربية لغة سياسية بينه وبين الأمراء لتمكّنها بين سكان البلاد فكان التفاهم والرسائل المتبادلة باللغة العربية وهذا يدل على أنها كانت لغة رسمية لمعظم البلاد الأفريقية . وعلى الرّغم من هذا كله، فإن هذه اللغة أظهرت أعجوبتها بأن ظلت لغة عالمية لارتباطها بالقرآن، فانبثق في مطلع القرن التاسع عشر نشاط في الأمة، ودخلت في مرحلة جديدة من اليقظة،وعم الشعور بالانتماء وتجاوز هذا الشعور إلى حلقات وجمعيات وجماعات هدفها الأول إحياء اللغة العربية، وانتشرت المدارس ورجعت العربية في استعادة موقعها المستحق ، واستطاعت أن تنهض نهضة كبرى لتشق طريقها إلى العالمية رغم المعوقات التي تعترضها.
وإذا لاحظنا تعداد المسلمين في العالم اليوم ، وتعدادهم في القرون الماضية نرى فرقا شاسعا بينهما إذ يصل تعدادهم اليوم إلى أكثر من " مليار وثلث المليار" وكلهم لهم صلة بالقرآن الكريم الذي ينطق بالعربية، وهذا يدلّ على أن العربيّة أكثر انتشارا من ذي قبل، وإنّ الّذي تحتاج إليه هو خطة محكمة لتتخذها الشّعوب الإسلامية لغات عمل بدل اللغات الأجنبية، وهناك في العالم الإسلامي نهضة لا يستهان بها، لكنّها تحتاج إلى موقف موحد تسمح للعربية أن تأخذ مكانتها المستحقة في العالم، ونعني " بمكانتها المستحقّة" أن تتبناها الشعوب التي تشعر بالانتماء إلى الثقافة الإسلامية لغة رسمية لبلادهم،فالمسلمون في إندونيسيا وباكستان وبنغلاديش وفي أفريقيا، يكنّون الحب، والولاء للعربيّة . ويلاحظ أنّ بعض البلدان التي تحرّرت من لغة الاستعمار في أفريقيا تبنّت اللّغة العربيّة لغة رسمية مثل " بلدان شمال أفريقيا موريتانيا والصومال وتشاد وأن سبعين بالمئة ممن ينتمون إلى الثقافة العربية بلغتها يعيشون في القارة الأفريقية ،وهذا ما يدلّ على أن أفريقيا إذا أرادت التّخلص من مشاكلها اللغويّة التعدديّة لابدّ لها من أن ترجع إلى جذورها المرتبطة بالعربية وتتخذها لغة في الحياة والكتابة .
الإنجليزية والفرنسيةوالعربية ،فالتنميط الثقافي الذي ظهر الآن بفعل النظام العالمي الجديد يجعل هوياتالشعوب هي المستهدفة في الدرجة الأولى ، فالنظام العالمي الجديد لا يحترمالخصوصيات كما كان شأن العربية، وهذا ما سيجعل العربية محتاجة إلى عناية أكثر بهاسواء على الصعيد العربي أو الإسلامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق