الصفحات
الصفحة الرئيسية
كتب
مقالات
أبحاث
السبت، 3 يناير 2015
الأنثروبولوجيا الأمريكية
مقدمة
لم تعرف الأنثروبولوجيا قبل النصف الثاني من القرن العشرين، تقسيمات وفروعاً، إذ كانت تتمّ لأغراض خاصة بالباحث أو من يكلّفه، كدراسة حياة بعض المجتمعات أو مكوناتها الثقافية .
ومع انطلاقتها في الستينات والسبعينات من القرن العشرين، حيث أخذت تتبلور مبادئها وأهدافها، كانت ثمّة محاولات جادّة لتوصيفها كعلم خاص، وبالتالي وضع تقسيمات لها وفروع من أجل تحقيق المنهجية التطبيقية من جهة، والشمولية البحثية التكاملية من جهة أخرى. فظهرت نتيجة ذلك تصنيفات متعدّدة، استند بعضها إلى طبيعة الدراسة ومنطلقاتها، بينما استند بعضها الآخر إلى أهدافها
شهد القرن العشرين مراحل تكوين الأنثروبولوجيا وتطويرها، لتصبح كياناً أكاديمياً ومهنة متخصّصة عند كثير من العلماء والفلاسفة والباحثين. فعلى الرغم من أنّ الفكر الأنثروبولوجي قد ظلّ خلال العقدين الأوليين من القرن العشرين، متأثّراً إلى حدّ بعيد، بالنظريات التي سادت وتبلورت في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، فإنّه سرعان ما تغيّر وتحوّل إلى منطلقات جديدة، نتج عنها اتّجاهات متعدّدة إزاء دراسة الإنسان وحضارته، سواء ما كان منها نظرياً أو منهجي ّو
إنّ الاتجاه العلمي الذي نشط في القرن التاسع عشر، وتبلور في مجالات متعدّدة، دفع العقل الإنساني إلى نبذ الفكر الفلسفي الذي كان يتحفّظ على قدرة العقل الإنساني في التوصّل إلى الحقيقة المطلقة. وهذا ما نتج عنه قيم فكرية جديدة تدعو إلى النظر إلى العقل والمنطق المحسوس، والواقع الملموس كأدوات للمعرفة، كما تدعو إلى التفاؤل بمستقبل الإنسانية . إلاّ أن أحداث الحرب العالمية الأولى ونتائجها السلبية على المجتمع الإنساني، بدّدت هذا التفاؤل، وأحلّت محلّه النظرة التشاؤمية. وهذا ما بدا في نظرة الفلاسفة إلى مشكلات الإنسان في هذا القرن (القرن العشرين )، إلى حدّ اعتقاد بعضهم أنّ المستقبل صعب ومظلم مع ظهور النازية في ألمانيا، والفاشية في إيطاليا. وبرز مقابل هذا الاتجاه التشاؤمي، اتجاه آخر اتّصف بالتفاؤل، كان من أبرز رواّده في أمريكا الفيلسوف التربوي / جون ديوي / الذى أصدر كتابه الشهير " إعادة البناء في الفلسفة " وتبنّى فيه موقفاً صريحاً مناهضاً للفلسفة الميتافيزيقية .
ودعا فيه إلى ضرورة الاهتمام بالبحث عن القوى المعنوية التي تحرّك مناشط الإنسان، لاعتقاد/ ديوي/ أنّ لدى هذا الإنسان الكثير من الإمكانات والقدرات التي يمكنه بواسطتها الخروج من أزمته الراهنة ..
وكان للدين أيضاً تأثيراته في تشكيل الفكر الأنثروبولوجي في العقود الأولى من القرن العشرين، ولا سيّما على النظم الاجتماعية. إلاّ أنّ ذلك التأثير تضاءل أمام تعاظم التيارات التحرّرية وما رافقها من إنجازات علمية هائلة، الأمر الذي حدا بالكنيسة في بداية النصف الثاني من القرن العشرين، إلى تقبّل فكرة الحوار وحرية المناقشة في الأمور الدينية والدنيوية .. بعيداً عن الأساليب القمعية التقليدية . وهكذا، شكّل هذا العلم دعامة أساسيّة في ثقافة القرن العشرين عامة، وفي الفكر الأنثربولوجي خاصة، حيث كان وثيق الصلة بالفكر الاجتماعي والقضايا الإنسانية التي أسهمت في تحديد موضوعات الدراسات الأنثروبولوجية، ومناهجها وأهدافها
فى مفهوم الانثروبولوجيا واتجاهاتها
الانثروبولوجيا
Anthropology
مصطلح علمي مركب مرتكز على لفظة(
Ethoc
) الإغريقية والتي تعني شعب أو قوم . ويشير هذا المصطلح إلى العلم الذي يهتم بدراسة بني البشر الإنسان من حيث كونهم كائنات عضوية واجتماعية وثقافية ، ويقال لهذا العلم أحيانا علم الاناسه أو علم الانسنة ، لأنه لا يهتم بدراسة الإنسان الفرد كما هو الحال في علم النفس أو الفزيولوجيا ، بل يهتم بدراسة الأجناس البشرية التي تعيش في جماعات وتجمعات ويتناول تنظيماتهم وأعرافهم وإحداثهم وأفعالهم الحياتية. لذا يرى البعض تسمية هذا الحقل بعلم السلالات أو علم الأجناس، أو ربما علم الأعراف (1)
وكان عالم الطبيعة الألماني جوهان بلومينباخ
J.Blumenbach
)) المؤسس الأول للانثروبولوجيا الطبيعية أول من أدخل كلمة الانثروبولوجيا في منهج تدريس التاريخ الطبيعي قبل أن تصبح مفردة من مفردات الخطاب السوسيولوجي.(2)
والانثروبولوجيا كحقل متخصص يعد تطوراً حديثاً في تاريخ الفكر الإنساني، لاهتماماته المتداخلة والمتعددة والزوايا المختلفة التي يتعامل بها مع قضايا الإنسان والثقافة والمجتمع . ولم يتبلور هذا العلم كدراسة متخصصة إلا في أواخر القرن التاسع عشر حيث أصبح حقلا مستقلا عن الفلسفة الاجتماعية .
فمن الزاوية البايولوجيه تتعامل الانثروبولوجيا (الجسدية) أو الفيزيقية
Physical anthropology
مع الإنسان كنتاج لعمليات التطور البايولوجيه وتهتم بطبيعة تركيب جسم الإنسان الفسيولجي والتشريحي ، وتحليل مقاييس الجسم البشري والسمات الفيزيقية للكائنات البشرية بمناهج كميه ، وتتبع مراتب الحياة العضوية مع التركيز على دراسة أصول الأجناس البشرية وتطوراتها البايولوجيه وتصنيفاتها عبر العصور الجيولوجية المختلفة التي مر بها الجنس البشري ، واختلاف التراكيب العضوية والجسدية والتنوع السلالي للأقوام البشرية ،وأسباب تباين تلك السلالات عضويا وفيزيقيا ومقارنة سمات الجماعات العرقية المختلفة ببعضها ، مع دراسة اثر الظروف والمؤثرات البيئية والايكولوجية في اختلاف أو تشابه التراكيب الجسدية للعناصر البشرية ومدى قدرة تلك المجاميع البشرية على التكيف مع الظروف البيئية والايكولوجية، مستعيناً بذلك بدراسة المتحجرات والشواهد الدالة على تلك التطورات والتكيفات ، كالآثار المادية وبقايا العظام والأسنان وغير ذلك من أدلة (3) .
ومن هنا يعد موضوع التكيف على اختلاف صوره واحداً من شؤون الدراسة الانثربولوجيه وحلقة وصل بين المعرفة البايولوجيه والمعرفة الاجتماعية ولذا كان على الباحث في الانثروبولوجيا الفيزيقية أن يستعين في دراساته بعدد من العلوم المختلفة كعلم التشريح وعلم الآثار وعلم الأحياء والجيولوجيا والكيمياء البايولوجية والانثروبومتري(
Anthropometry
) والساموتولوجيا (
Somatology
) .
وإذا كانت الانثروبولوجيا الثقافية (
Cultural
anthropology
)حقلاً يختلف عن ميادين الانثروبولوجيا الفيزيقية بكونها تولي مفهوم الثقافة أهمية مركزيه وتتجه نحو الدراسات المقارنة لثقافات المجتمعات البشرية ودراسة السلوك اللغوي فيها واختلاف إدراك المفاهيم الرمزية بين جيل أو جماعة أو عصر وآخر ، فإنها لاشك أكثر التصاقاً بعلم اللغة الانثروبولوجي(اللسانيات) وعلم آثار ما قبل التاريخ ، وهذا ما تراه المدرسة الانثروبولوجيه الامريكيه التي لا ترى في الحقل الانثروبولوجي إلا فرعين فقط هما الانثروبولوجيا الطبيعية ، والانثروبولوجيا الثقافية التي تضم بدورها حقول معرفيه عديدة مثل (الاثنوغرافيا
Ethnography
، الاثنولوجيا
Ethnology
، علم آثار ما قبل التاريخ
Archeology
، اللسانيات
linguistics
، الفولكلور
Folklore
، والانثروبولوجيا الاجتماعية
Social
anthropology
)
ومصطلح الثقافة مصطلح شديد التعقيد، لذا لم يتفق علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا على تعريف واحد له، رغم شيوع استخدامه في كتاباتهم الكثيرة والمتنوعة، لدرجة أن عالما مثل ستيفان جيودمان ، الأستاذ بجامعة مينسوتا، يقول في أثناء المؤتمر الذي عقده البنك الدولي عن «الثقافة والعمل العام» إننا لو سألنا ألف شخص عن معنى الثقافة فالأغلب أننا سوف نحصل منهم على أكثر من ألف تعريف نظرا إلى اختلاف وتباين خبراتهم الخاصة. والواقع أن بعض الأنثروبولوجيين المعاصرين يرون أن مفهوم الثقافة قد «مات» وأن من الأفضل استبدال مفهوم التاريخ به، لأن الثقافة مفهوم يرتبط بالاستعمار وظهور فكرة القومية ومفهوم الدولة في الغرب. وبصرف النظر عن مدى صحة هذا القول الأخير، الذي لم يجد قبولا واسعا على أي حال، فإن «إعلان مكسيكو سيتي لعام 1982 عن السياسات الثقافية» يعرف الثقافة بأنها ذلك الكل المركب من الملامح الروحية والمادية والذهنية والوجدانية المميزة للمجتمع أو للزمرة الاجتماعية ، كما أن المفهوم يتضمن أنماط الحياة والحقوق والواجبات للكائن الإنساني، وأنساق القيم والتقاليد والمعتقدات، إلى جانب الإبداع الفني والأدبي والفكري. وهذا تعريف يكشف عن مدى تعقد المفهوم وشموله واتساع مجاله، وهذه خاصية تتفق علىها كل التعريفات التي تعتبر الثقافة حصيلة كل النشاط البشري الاجتماعي في مجتمع معين مما يعني في آخر الأمر أن لكل مجتمع ثقافته الخاصة المميزة بصرف النظر عن مدى تقدم ذلك المجتمع أوتخلفه ، أي أنها كلها تعريفات لاتحمل أي مضامين تقويمية، وإن كانت تعترف في الوقت ذاته بأن لكل ثقافة نسقها الخاص من المعايير والقيم. في عام 2000 أصدر المفكر الأمريكي صامويل هنتنجتون كتابه «
Culture Matters
»، الذي قوبل بترحاب شديد من الأوساط الثقافية في أمريكا، بحيث عُقِد حوله عدد من الندوات والمؤتمرات لمناقشة الدور الذي تلعبه الثقافة في تشكيل المجتمع الإنساني، وتحديد مستقبل العلاقات بين الدول، كما صدرت مجموعة من الكتب حول الموضوع نفسه، وقامت مدرسة فلتشر بإجراء مشروع بحثي بعنوان
C.M. Research Project
شارك فيه 65 باحثا وباحثة من 25 دولة، واستغرق ثلاث سنوات من 2002-2005. وقد استرشد المشروع بعبارة عميقة قالها دانييل باتريك موينيهان فحواها أن «الحقيقة الأساسية المهمة هي أن الثقافة، وليست السياسة، هي التي تحدد وتقرر نجاح وتقدم المجتمع». فالثقافة تتفاعل مع التنمية في أكثر من مجال وبأكثر من طريقة، سواء في ما يتعلق بتحديد الأهداف أو اختيار مجالات ووسائل وطرق التنمية، وإن كان من الصعب صياغة ذلك أو ترجمته في نظريات فاصلة
وقد ذهب عالم الأنثروبولوجيا البريطاني برونيسلاف مالينوفسكي إلى أن الثقافة وحدة منظمة تنظيما عاليا، تعكس مظهرين متكاملين يتمثلان في وجود نسق من المصنوعات أو الأشياء المادية، ونسق من العادات والأفكار والتقاليد ، بينما يرى عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي كليفورد جيرتز أن الإنسان حيوان معلق في شبكة من المعاني التي غزلها هو نفسه حول نفسه، وأن الثقافة هي هذه الشبكة وأن تحليلها ليس من مهام «العلم التجريبي» الذي يبحث عن القوانين العلمية، ولكنه مهمة «العلم التفسيرى» الذي يبحث عن المعنى. وبالمثل يرى رويتر أن الثقافة «تشمل الأدوات والمعدات التي ظهرت وتطورت نتيجة جهود الإنسان المتواصلة لإشباع احتىاجاته، وما يرتبط بذلك من مشاعر وتوجهات وميول معقدة، وكذلك الأبنية المنظمة، وما إلىها من وسائل وأساليب الضبط التي تهدف في آخر الأمر إلى إقرار النظام الاجتماعي وانتشار نماذج السلوك المقنن ، كما يدخل فيها أيضا النظريات الخاصة بتفسير الكون تفسيرا فلسفيا، التي تساعد على فهم الحياة وتسهيل المعيشة بشكل أو بآخر». وقد ذهبت بعض الاتجاهات إلى قصر الثقافة على الأفكار والتصورات المجردة، على أساس أن كلمة «ثقافة» ذاتها توحي بذلك، ولكن هذا الرأي لايلقى ترحيبا من معظم علماء الأنثروبولوجيا الذين قاموا بدراسات ميدانية واتصلوا عن كثب بالثقافات التقليدية، بحيث أمكنهم أن يلمسوا الملامح والسمات الثقافية المختلفة في تداخلها وتفاعلها، وأدركوا بالتالي صعوبة، بل وعبثية الفصل بين مظاهر السلوك العادية المشخصة والملموسة، وبين الأفكار والتصورات والقيم التي تختفي وراء ذلك السلوك. وقد ذهبت عالمة الأنثروبولوجيا الأمريكية روث بنديكت إلى أن كل ثقافة - أيا كان مدى انتشارها- تؤلف وحدة متمايزة، وأن النظم التي توجد في هذه الثقافة تعكس نمطها الخاص المعين وتعبر عما تسميه «النوايا» أو «الأغراض» الثقافية المتعلقة بذلك المجتمع بالذات، أكثر مما تعبر عن الحاجات البشرية العامة، وهذا هو مبدأ النسبية الثقافية ، كما عرفت تلك النظرية باسم الصيغة الثقافية العامة، على أساس أن كل ثقافة تسيطر علىها اتجاهات عامة شاملة تطبعها بطابع خاص يميزها عن غيرها.(4)
. وهذا ما ذهب إليه رالف بندجتون عام 1960 في كتابه (مقدمه في الانثروبولوجيا الاجتماعية ) إذ قسم حقل الانثروبولوجيا إلى حقلين متمايزين هما الانثروبولوجيا العضوية والانثروبولوجيا الثقافية ، وما يراه أيضا فلكس كيسنج مع الاختلاف النسبي بينهما .
غير إن ما يدرجه الأمريكان تحت عبارة الانثروبولوجيا الثقافية يشير الفرنسيون إليه بالاثنولوجيا والاثنوغرافيا في بعض الأحيان ويدرسون تلك المواضيع تحت مظلة علم الاجتماع . أما الانجليز فقد اختاروا تسمية الانثربولوجيا الاجتماعية لذلك الحقل منذ أن حاز السير جيمس فريزرأستاذية كرسي ذلك العلم وأطلق عليه تلك التسمية عام 1908 ، فتعامل الانجليز مع هذا الحقل كعلم قائم بذاته لا يندرج تحت مظلته حقل الاركيولوجيا ولا علم اللغويات. ويستخدم الأمريكان اصطلاح الاثنولوجيا فيما يرادف ما يسمى في بريطانيا بالانثروبولوجيا الاجتماعية.
ومن الجدير بالذكر أن الاثنوغرافيا تتميز بأنها دراسة وصفية أفقيه مقارنة لظاهرة من الظواهر في ثقافات أو مجتمعات متغايرة ، بينما تعد الاثنولوجيا دراسة عمودية مقارنه لظاهرة اجتماعيه أو لمظاهر ثقافيه ببعديها المادي واللامادي ، من خلال التعرف على ماضي تلك السمات وتاريخ الظاهرة . وبعبارة أخرى ، فان كانت الدراسة ألاثنوغرافيه دراسة وصفية مقارنه للظاهرة باختلاف المكان،فان الدراسة الاثنولوجيه هي لدراسة مقارنة باختلاف الزمان ، وهذا يستتبع اختلاف النهج الدراسي وأدوات البحث. (5) ومع هذا الاختلاف في الرؤية والتعامل ، فإن العمل الميداني يظل العلامة المميزة للباحث الانثروبولوجي (اثنوغرافياً واثنولوجياً)
هذا وقد حدد مورسيل موس موضوع الاثنوغرافيا في كتابه دليل الاثنوغرافيا بأنه يهتم بدراسة منتجات الإنسان المادية وغيرالمادية والعوامل التي تحدد عمليات استعارتها وانتشارها بين الشعوب ، أما علم الاجتماع فانه يدرس ظواهر المجتمع الإنساني في إطار التنظيمات الاجتماعية وما تؤديه من وظائف وتشكله من اتجاهات . ورغم تلك الاختلافات ، ورغم الاختلاف بين أنصار المذهب الوظيفي في فهم النهج الانثروبولوجي وحقوله عموما ، فان علماء الانثروبولوجيا البريطانيون – لاسيما أنصار المدرسة البنائية الوظيفية- يرون إن حقل ( الانثروبولوجيا الاجتماعية ) حقل يهتم بدراسة البناء الاجتماعي والحياة الاجتماعية في إطار التفاعل الاجتماعي ، بينما تهتم الانثروبولوجيا الثقافية بنفس الخصائص ولكن من زاوية مغايره فترى في العادات والمعتقدات جزءاً من النظام الاجتماعي الكبير.
تطور منهج الانثروبولوجيا في المدرسة الامريكيه
لقد تطور منهج الانثروبولوجيا التطبيقية أو الانثروبولوجيا العملية
Action anthropology
في الولايات المتحدة الامريكيه بعد الحرب العالمية الثانية وظهور حاجة البلدان المتقدمة تقنياً إلى التدخل في سياسات الاداره والتنمية في العالم الثالث ،الأمر الذي ربط هذا الحقل بالتخطيط السياسي وعرض نهجه إلى انتقادات عديدة بوصفه امتدادا طبيعياً للاستعمار الجديد أو وكأنه نوعاً من ممارسة العلاقات العامة في تكريس التبعية والتخلف والتغاضي عن المشكلات الحقيقية للجماعات المحلية بما يخدم مصالح طبقة معينه أو الطبقة المسيطرة وتقليص الدور الحقيقي للسكان المحليين .وكانت التطبيقات الانثروبولوجيه المبكرة قد نمت في مجال الاداره الاستعمارية أصلاً، الأمر الذي أساء كثيراً إلى سمعة التدريب الانثروبولوجي وجهد الفعل التطبيقي لهذا الحقل . فقد استخدمت الانثروبولوجيا التطبيقية مبكراً في تحديد الزعامة المحلية وفي إدخال أنماط من الاداره المحلية بما يقلص من التوترات بين الجماعات المختلفة في المجتمعات البدائية . ففي اندونيسيا على سبيل المثال تم تقنين القانون القبلي بحيث أصبحت القوانين تتلاءم مع الظروف المحلية وتختلف من قرية لأخرى . (6)
وقد تعاظمت شدة الانتقادات للنهج الانثروبولوجي التطبيقي بعد تورط الانثروبولوجيا التطبيقية بمواقف سياسيه شديدة الحساسية أو تدعيمها لعلاقات سيطرة وتبعية بدلا من مساعدة الشعوب في الوصول إلى أهدافها الوطنية. مثال ذلك مشروع (كاميلوت) الذي تبنته الحكومة الامريكيه في استخدامها للبحث العلمي في تقدير حجم الشعور المضاد للشيوعية في شيلي وكذلك التورط الانثروبولوجي التطبيقي في مشاريع مشابهه في كل من فيتنام وتايلاند وغيرها من البلدان . ولاشك في أن مشروع عسكرة الانثروبولوجيا (
militarization
ِ
Anthropological
) الذي اعتمده الجيش الأمريكي في حروب العراق وأفغانستان تحت اسم مايسمى ببرنامج (إقحام علماء الانثروبولوجيا في ميدان الحروب) (
HTS
) يمثل أوضح صور توظيف الانثروبولوجيا التطبيقية في ميدان الحروب والنزاعات .
ويشرح العقيد الأمريكي (ستيفن فونداكارو) أهداف هذا المشروع بالقول (( إن مهمة العلماء تقوم على تقديم فهم واضح للمشكلات التي يواجها الجيش مع السكان المحليين ، حيث يتلقى الضباط هذه المعلومات ويقررون بموجبها طبيعة الإجراءات العسكرية التي عليهم اتخاذها ))، كما يتضمن هذا البرنامج تدريب علماء الانثروبولوجيا على حمل السلاح واستعماله لكي يخفف الجيش عن نفسه مشقة تامين الحماية لهؤلاء خلال قيامهم بمهامهم الميدانية .
ويبدو أن هناك اليوم في كل من العراق وأفغانستان 6 فرق عامله تتكون كل منها من علماءانثروبولوجيا وعلماء لغة ومرشدين اجتماعيين وعملاء استخبارات وضباط متقاعدين لمتابعة سير العمل ومساندة الفعل العسكري ، وتسعى قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي (
Centcom
) إلى زيادة عدد هذه الفرق من 6 فرق إلى 28 فرقه ، كما أعرب عسكريون كبار في قيادة القوات الامريكيه في إفريقيا
AFRICOM
ومنطقة المحيط الهادي
PACOM
عن نيتهم تعميم برنامج مماثل في مناطقهم .
وتشكو الدكتورة(مونتغومري ماك فايت) التي توصف بأنها المهندسة الأولى لبرنامج (
HTS
) من ضآلة مبلغ (40) مليون دولار الذي خصصه البنتاغون لتمويل هذا البرنامج ، لأنها تسعى منذ فترة طويلة من اجل مشروع اكبر يقوم على وضع بنك معلومات دائم للمعطيات الثقافية والاجتماعية واستحداث مؤسسه اسمها ((وكاله مركزيه للمعرفة الثقافية)) على غرار ((وكالة الاستخبارات المركزية)) عمادها علماء ومحللون انثروبولوجيون واجتماعيون يعملون لخدمة الحكومة وأغراضها بشكل دائم .
وفي أيلول 2007 أطلقت مجموعة من كبار علماء الانثروبولوجيا حملة كبيرة تحت شعار ( شبكة انثروبولوجيون معنيين(
Network
of
concerned anthropologists
) لرفض مشاركة علماء الانثروبولوجيا في الحروب الامريكيه ورفض استخدام الانثروبولوجيا لأهداف الحروب والسياسة تحت عنوان (( لا للمرتزقة الانثروبولوجيون )) وترى هذه المجموعة أن اللجوء إلى العلماء في حربي العراق وأفغانستان شبيه بما فعلته الامبراطوريه البريطانية في مستعمراتها سابقاً
ومن الجدير بالذكر هنا أن حملة المعارضة لتسخير العلوم الاجتماعية في خدمة الحروب ليست جديدة , فقد واكبها اليسار العالمي باكرا وخصوصاً على الصعيد الفكري والثقافي ، فالمجلة الفرنسية الشهيرة (الازمنه الحديثة
Les
temps modernes
) التي أسسها في منتصف القرن الماضي جان بول سارتر وسيمون دو بوفوار خصصت عددين خاصين للموضوع في عام 1970 ، كما وضعت مجموعة من الكتاب اليساريين تحت إشراف جان كوبانز مؤلفا شهيرا في عام 1975 تحت عنوان (الانثروبولوجيا والامبريالية ) . ووفقا لما ذهب إليه بعض المنتقدين فان مجرد تركيز الانثروبولوجيا التطبيقية على الاهتمام بالاختلافات الثقافية من شانه أن يحجب حقيقة وجود ابنيه للسيطرة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية هي المسئولة عن مشكلات التنمية إضافة إلى الانتقادات التي تمحورت عن عدم ربط البحوث التطبيقية بالمسوؤليه الاخلاقيه والعلمية لهذا الحقل وحظر تسخير العلم لغايات سياسيه
غير إن تلك الانتقادات لا تمنع من الإشارة إلى إمكانية استثمار البحث التطبيقي في تخفيف التوترات داخل وبين الجماعات المختلفة عرقياً واثنياً والإشارة إلى المحاولات والمشاريع الناجحة التي استخدمت فيها آليات الانثروبولوجيا التطبيقية في المجتمعات النامية ، كمشروع فيكوس الإصلاحي (
Vicos
) الذي تبنته جامعة كورنيل الامريكيه في بيرو عام 1952، والذي كان يستهدف دراسة مشكلات التغير الثقافي وتمكين العناصر المنتجة لشعب فيكوس من حيازة القوه في الضيعة الزراعية بمنطقة (هاسيندا) ، ومشروع (أس.أف.نادل )عن موضوع التصرف بالأراضي في الهضبة الارتيريه ، ومشروع أسلوب العمل الشعبي الجمعي والتوسع بالعمل الزراعي في كينيا الذي تقدم به (فاب ماير ) ، ثم طريقة التعامل مع مشكلة الكرسي الذهبي مع قبيلة الاشانتي . هذا إلى جانب الجهود البحثية التي أشرفت عليها الجمعية الامريكيه لعلم الانثربولوجيا
ولاشك أن أي مشروع تنموي آو تحسيني لا يمكن أن ينفذ دون الحفاظ على ما هو محلي أصيل ودون إسناد من عناصر محليه ، فقد لاحظ احد الانثروبولوجيين الذي كان يقوم بمهمة النصح والإرشاد لفرق صحية في اندنوسيا أن المجتمعات المحلية لها اتجاهات مختلفة في الخضوع لقادة الرأي العام الذين لابد من الحصول على تأييدهم لنجاح حملات التوعية الصحية وبرامجها ، هذا مع احتمال وجود قادة متنافسين في الرأي في الوحدات القبلية وتقاطعات في المصالح أو وجود اتجاهات متباينة حول برامج مشاريع التنمية والإصلاح الأمر الذي يهدد تلك المشاريع بالفشل وعدم النجاح، ما لم تؤخذ تلك الملاحظات الميدانية بنظر الاعتبار . ولعل الحديث عن حملة إغراء النساء في بيرو على غلي الماء قبل شربه أو ما سميت حينها بظاهرة طهي الماء عند النساء في بيرو تظهر كيف ولماذا اختلفت الاستجابة بين مجاميع النساء لتلك الحملة باختلاف المركز الاجتماعي للمرأة .
إن الانثروبولوجي التطبيقي لم يعد الشخص الذي يقدم مخططا أو رسما لبرنامج إصلاحي أو تنموي فقط ، بل هو الشخص الذي يتوجب عليه أن يقدم تقريرا مفصلا عن معوقات العمل والمسارات الخطرة المحتمل أن تعترض سبل التنفيذ وتقف حائلا دون تحقيق أهداف البرنامج أو وحدة الجماعة ، فهو الأقدر على حساب ردود الفعل الاجتماعية التي يحتمل أن يحدثها التغيير، وهو الأقدر على تخفيف مظاهر الصراع بما يخدم وحدة الجماعة ، وهو الأقدر على رسم سيناريوهات التغير والتطوير.
ولم تقتصر الجهود الانثربولوجيه التطبيقية على دراسة المجتمعات المحلية أو السكان المحليين في المناطق الجغرافية ، بل إن دراسات انثروبولوجيه تطبيقيه أخرى تناولت العلاقات الصناعية وتنظيم العمل الإداري في المؤسسات كالمستشفيات والمعامل والمتاجر والسجون ، كما في مجموعة الدراسات والبحوث التي تمت في مصانع شركة( ويسترن أليكتريك) والتي أطلق عليها (دراسات هاوثورن). والتي استهدفت دراسة العلاقات الانسانيه في المصنع كنسق محدد مغلق وأدت إلى تأسيس جمعية الانثروبولوجيه التطبيقية سنة1941، وكذلك دراسة جامعة هارفارد الشهيرة في ميدان الانثروبولوجيا الصناعية والتي اشرف عليها الأستاذ التو مايو وكانت تستهدف دراسة بعض المشاكل التي تتعلق بالإنتاج وقياس مدى كفاءة المصانع ، ثم تلك الدراسة الانثروبولوجيه التي تناولت تحليل البناء الاجتماعي لمحلات (سلفردج) التجارية في لندن .
ولاشك في أن المصنع أو المدرسة أو الدائرة إنما تمثل تنظيمات اجتماعيه لها خصائص ومقومات تؤثر على نوعية المخرجات السلوكية أو على كمية الإنتاج المادي وترتبط بالعلاقات الاجتماعية داخل تلك المؤسسات والتنظيمات ، والتي في ضوء دراستها نستطيع أن نقرر ماهية العلاقات الاجتماعية التي تربط بين أعضاء الجماعة داخل التنظيم ومدى تأثير تلك العلاقات على الانشطه المستهدفة دراسياً في المؤسسة. وفي الواقع فان ما يقدمه الانثروبولوجي التطبيقي في رسم وتنفيذ البرامج الاصلاحيه والتنموية لا يتعدى حدود المبادئ الاوليه التي اكتسبها من العلم في التحليل الاجتماعي مصحوبة بحقائق أوليه عما يمكن أن يحدث من نتائج وآثار جراء تطبيق المشروعات التنموية في المجتمعات المحلية المختلفة وما يمكن أن ينتج عنها من مشكلات اجتماعيه وإنسانيه كنتاج للتغيرات في السلوك والاتجاهات والعلاقات وفي النظم الاجتماعية .
لقد أوضحت بعض دراسات التثقيف أن إحداث تعديلات –ولو كانت طفيفة- ( خاصة حينما يتم إحداثها عن طريق القوه أو تحت الضغوط ) يؤدي إلى صراعات نفسيه عميقة وظهور سلوك عصابي لدى بعض الإفراد ،. وفي بعض الحالات قد تنسحب تلك الإعراض على كل أو اغلب إفراد المجتمع فتظهر مظاهر اضطرابات اجتماعيه ملحوظة أو كامنة ، ما لم تساند تلك الجهود التثقيفية برامج علمية تتسم بالواقعية تأخذ بنظر الاعتبار العلاقات المتبادلة بين الجوانب- المختلفة للثقافة المحلية وضروب و أنماط التكيف المحتملة. ودون شك فإننا محليا في العراق نستطيع توظيف الفعل الانثروبولوجي والاستفادة من المعرفة الانثروبولوجيه في دراسة وتحليل ما تعرضت له الشخصية الوطنية من إرهاصات وتوترات نفسية واجتماعيه نتيجة برامج التثقيف الإيديولوجي غير المبرمجة انثروبولوجيا ، وما تمخض عن تلك البرامج والسياسات من آثار سلبيه انعكست على الواقع الاجتماعي في العراق قبل وبعد سقوط النظام السابق وكما ظهر جلياً من ممارسات سلوكية أعقبت إحداث عام 2003 ولازالت بعض آثارها تتحكم بالفعل السلوكي والاجتماعي في المجتمع العراقي.
لقد تتبع فان ويلجن (
Van Willigen
) في دراسة مسحية له تطور الانثروبولوجيا التطبيقية فوجد أنها تبدأ بمرحلة أطلق عليها مرحلة الاثنولوجيا التطبيقية ، ثم مرحلة المساعدة الفدرالية فمرحلة توسيع الدور ووضوح القيمة، وأخيرا مرحلة البحوث العملية والمساعدة في رسم السياسات . (7)
وقد قام ويلجن بمراجعة بعض الفروع الجديدة في الانثروبولوجيا التطبيقية التي انبثقت عن مواقف نظريه وإيديولوجيه مختلفة فوجد أنها تتخذ مسارات مختلفة ، منها مثلا مسار الانثروبولوجيا العملية التي اقترحها سول تاكس ، مسارانثروبولوجيا البحث والتنمية التي ترمز لمشروع جامعة كورنيل في بيرو، واتجاه انثروبولوجيا تنمية المجتمع المحلي ، والاتجاهات الأكثر حداثة فيما يعرف بانثروبولوجيا الدعوة والوساطة الثقافية وصولا نحو مايعرف اليوم بالانثربولوجيا النقدية والانثروبولوجيا الماركسية والانثروبولوجيا البصرية والانثروبولوجيا الايكولوجية ثم الانثروبولوجيا الدبلوماسية ، وفي البلدان النامية توجهت التطورات الحديثة في مجال الانثروبولوجيا نحو إزالة التقسيم الفكري بين الانثروبولوجيا النظرية والانثروبولوجيا التطبيقية في إقرار ضمني على إن الجهد التطبيقي والتدخل الانثربولوجي في تحديث وتنمية المجتمعات المحلية لابد أن يعتمد صراحة على معايير وتوجهات إيديولوجيه وسياسيه . ولعلي ادعو لتنشيط الفعل الانثروبولوجي في العراق والتخطيط لبرنامج ونهج انثروبواوجي جديد تراعى فيه ظروف المجتمع العراقي ،أطلق عليه اسم (انثروبولوجيا إعادة بناء المجتمع)، وستكون خطوطه الرئيسة العامة متضمنة في القسم الثاني اللاحق من هذه الدراسة
وأخيرا ففي الفترة الاخيرهِ تبنت مجموعة من علماء الانثروبولوجيا المسلمين في الهند وباكستان الدعوة لتأسيس علم انثروبولوجيا إسلامي إيماناً بان النهج الإسلامي والفلسفة الاسلاميه لابد أن تأخذ دورها وتكون فاعلة في تنظيم الحياة الاجتماعية وفي إعادة بناء العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع وجماعاته ، فهل استثمرنا –نحن في العراق- سبل المعرفة الانثروبولوجيه في الوقوف على أزمات المجتمع العراقي ؟
رواد الانثروبولوجيا الامريكية
فرانز بواس
أنشا
الانثروبولوجيا أكاديمية في الولايات المتحدة في معارضتها لهذا النوع من
منظور تطوري. كان منهجه التجريبي، التشكبك في التعميم المتسرع، والتنزه عن محاولات
وضع قوانين عالمية. على سبيل المثال، درس بواس الأطفال المهاجرين لإثبات أن السباق
البيولوجي ليست منيعا، وسلوك الإنسان هذا ناتج عن التنشئة، بدلا من الطبيعية وتأثر بواس بالتقاليد الألمانية، وجادل بأن العالم كان الكاملة
للثقافات
مختلفة
،
بدلا من أن تطور المجتمعات التي يمكن أن يقاس بمدى
أو كم هو قليل "الحضارة" لديهم. كان يعتقد أن لكل ثقافة أن تدرس في خصوصيتها، وجادل
بأن عبر التعميمات الثقافية، مثل تلك التي تقدم في
العلومالطبيعية
ثانية، لم يكن هذا ممكنا
.
وهو يفعل ذلك، كان قد خاض التمييز ضد المهاجرين والسود، والشعوب الأصلية في
الأمريكتين
.
العديد من علماء الأنثروبولوجيا الأمريكية اعتمدت
جدول أعماله من أجل الإصلاح الاجتماعي، ونظريات سباق يستمر المواضيع الشعبية لعلماء
الأنثروبولوجيا اليوم. ما يسمى "اربعة الميدانية النهج" اصولها في
Boasian
الأنثروبولوجيا، وتقسيم الانضباط في المجالات الأربعة الحاسمة ومتشابكة من اجتماعية
وثقافية وبيولوجية، واللغوية، والبالية الأنثروبولوجيا (أي علم الآثار
).
الأنثروبولوجيا في الولايات المتحدة ما زالت تتأثر بشدة التقليد
Boasian
، ولا سيما
تركيزها على الثقافة
مرجريت ميد
مارجيت ميد
(
16 ديسمبر
1901
-
15 نوفمبر
1978
) انثروبولوجيه
امريكيه
كبيره ، ساهمت فى توسيع مجال
ا
لانثروبولوجيا بدراستها القيمه عن العلاقه بين الثقافه و الشخصيه. اهم مؤلفاتها " البلوغ فى
ساموا
" (1928)، و " الجنس و المزاج فى ثلاثة مجتمعات بدائية " (1935) ، و " الذكر و الأنثى " و " الاستمراريه فى التطور الثقافى " ( 1964)
ريتشارد انطون
Richard T.
Antoun
ريتشارد انطون (ولد:
31 مارس
1932
-
توفى
:
3 ديسمبر
2009
) ريتشارد انطون ،
انثروبولوجى
امريكى
أستاذ فى
جامعة بينجهامتون
Binghamton University
فى ولاية نيويورك متخصص فى دراسات
الشرق الاوسط
و علم مقارنة الاديان. كان مهتم بدراسات علم اجتماع الصراعات القبليه فى منطقة الشرق الاوسط. كان يعرف بحبه للسلام و عدائه للعنصريه و كان تعامل مع طلبه و اساتذه من كل الجنسيات و الثقافات من غير تمييز و كان يهتم بنشر افكاره اللى بتنادى ان البشر هما البشر متساويين و كان عضو فى جماعة " حركة السلام "
Peace
Action
التى تدعو للسلام فى الشرق الاوسط. لكنة تقاعد لكن محاضراتة استمرت فى جامعة بينجهامتون لحد ما اتقتل بالضرب بسكينه فى مكتبه يوم 3 ديسمبر 2009.
كارلتون كوون
كانت البداية في جامعة هارفرد حيث يروي كوون في سيرته الذاتية كيف أن حبه للمغامرة ولسبر أغوار المجهول جعلاه يداوم على محاضرات في الأنثروبولوجيا لأستاذه إرنست هوتن، والذي كانت حكاياته عن الشعوب والحضارات الإفريقية تستهوي كوون، وخاصة تلك المتعلقة بذلك الشعب الريفي في شمال إفريقيا "ذي الملامح الاسكندنافية والمتعطش للدماء". كان هوتن متخصصا في شعب الغوانتشي بجزر الكناري، ولم تكن له معرفة عميقة بالريف. ونجده في تقديمه لأحد أعمال كوون يستغرب كيف أن الريفيين لم يقتلوا كوون ويحتفظوا بزوجته. سيكتشف كوون لاحقا بأن ما كان يسمعه عن الريف كان في الكثير من الأحيان نتيجة المبالغات التي لا تخلو منها الصور النمطية. قرر كوون وهو مازال طالبا السفر إلى الريف والتعرف على سكانه. فشد الرحال إلى هناك للمرة الأولى سنة 1924، لكن رحلته في المغرب والتي ابتدأت في الدار البيضاء مرورا بفاس انتهت عند مشارف تازة حيث لم يستطع استكمالها حتى الريف، بسبب ظروف الحرب بالدرجة الأولى. ينتمي كوون إلى عائلة عريقة ومعروفة بمحاربتها للاستعمار البريطاني فكان بالتالي متشبعا بقيم النضال والحرية من الاستعمار، مما جعله يفكر جديا في محاربة الإسبان والفرنسيين إلى جانب الريفيين، لكن رحلته الأولى هذه تطورت بشكل مغاير لينتهي به المطاف في مراكش حيث يروي كيف أنه ذات مرة لاذ بالفرار بين أزقة المدينة هربا من بعض الحمادشة بعدما ضبطوه وهو يصورهم في جامع الفنا
.
كانت رحلة كوون الثانية للمغرب السنة الموالية أي في 1925، وقد بدأها من طنجة فتسنى له أن يرى الريفيين لأول مرة عندما لجأ كثيرون منهم إلى هناك هربا من جحيم الحرب وطلبا للاستشفاء. كان كوون مهتما بدراسة الملامح والصفات العرقية للشعوب شأنه في ذلك شأن أستاذه إرنست هوتن، ويندرج ذلك في إطار ما يسمى بالأنثروبولوجيا الطبيعية
Physical anthropology (
التي يعتبر الآن كون وهوتن من أبرز منظريها)، فبدأ بحثه بتصوير وجوه بعض اللاجئين الريفيين ودراسة خصائصها ومقاييسها ، لكنه لم يتسن له الذهاب إلى الريف أيضا هذه المرة بسبب المرض. وفي السنة الموالية أي في 1926 تزوج كوون بماري غوديل وكانت ابنة عائلة معروفة بضباطها الذين حاربوا في الحرب الأهلية الأمريكية وكذلك ضد الهنود. كانت امرأة محبة للمغامرة هي أيضا وكانت في العشرين من عمرها، أما كوون فقد كان ابن الثانية والعشرين. ومباشرة بعد زواجهما، سافر الإثنان إلى المغرب، حيث استطاع كوون هذه المرة الوصول إلى الريف بعد أن كانت الحرب قد شارفت على نهايتها خاصة وأن ابن عبد الكريم كان قد استسلم. كان شهر عسل –كما يصفه كوون- غير عادي ومحفوف بالمخاطر، نظرا للتجارب والمغامرات الفريدة التي عاشها هو وزوجته
.
استقر كوون وزوجته في قبيلة إهروشن بكزناية. وقد استمر مقامه هناك وبحوثاته الميدانية حتى سنة 1928، وهي السنة التي حصل فيها على شهادة الدكتوراه من هارفرد. وقد تكللت هذه الدراسة بمؤلف ضخم تحت عنوان "قبائل الريف
" Tribes of the Rif 1931.
شملت هذه الدراسة جوانب مختلفة من الحياة الريفية بما فيها الجوانب الثقافية والطقوس والمعتقدات الدينية والمؤسسات الاجتماعية. لكنها فوق كل ذلك تميزت بدراسة الصفات العرقية والمورفولوجية التي كانت الشغل الشاغل لكوون في كل رحلاته عبر العالم، فنجده قد أفرد ملحقا خاصا ومطولا بالصور لوجوه من مختلف القبائل الريفية ومن مناطق أخرى في المغرب من أجل دراستها ومقارنتها. وقد اصطحب كوون معه محمد المنبهي في رحلة العودة إلى أمريكا، حيث ساعده هذا الأخير في جمع المادة العلمية وتصنيفها. ويقول كوون بأنه لولا المنبهي لما رأى الكتاب النور يوما ما. كان المنبهي كما يصفه كوون بمثابة "المترجم، والمساعد في البحث، والحارس الشخصي والديبلوماسي المحنك
".
انتهت الحرب إذن لكن شغف كوون بالبحث في الأعراق الإنسانية والاختلافات بينها وكذا أصل هذه الاختلافات لم ينقطع. وقد قادته أبحاثه إلى خلاصة ذات نفحة داروينية مفادها أن تطور البشر من الإنسان المنتصب
Homo erectus
إلى الإنسان الحديث العاقل
Homo sapiens
لم يحدث في نفس الفترة الزمنية، بل حدث على خمس مراحل مختلفة ومتفاوتة أعطت لنا خمس أعراق أساسية هي العرق الزنجي، الأسترالي، المونغولي (شرق آسيا وهنود أمريكا الأصليون)، جنس رأس الرجاء الصالح (وجنوب شرق افريقيا) ثم العرق القوقازي وهو الذي يشمل كل أوربا والبحر المتوسط بضفتيه وصولا إلى أفغانستان وروسيا شرقا. وهو العرق الذي اعتبر كوون أن الريفيين هم جزء منه
.
وقد شرح كوون نظريته هذه في كتابه المهم والمثير للجدل "أصل الأعراق
" The Origin of Races 1962.
من بين ما أثار الجدل في هذه النظرية هو أنها تعني بالضرورة أن ثمة أعراقا أكثر حضارة وتطورا من أعراق أخرى لأنها مرت إلى الإنسان الحديث قبل مثيلاتها، وهو ما يشرحه كوون قائلا أن العرق الزنجي مثلا قد تطور مائتي ألف سنة بعد العرق القوقازي، وهو ما اعتبره كثيرون طرحا ذا بعد عنصري، خاصة في خضم الجدال المعروف تقليديا بين جامعة هارفارد بتوجهها العرقي في الأنثروبولوجيا وجامعة كولومبيا في نيويورك بتوجه كان يميل إلى الإيمان بالنسبية الثقافية. وقد أدت الانتقادات الشديدة التي كان يوجهها أكاديميو كولومبيا لكوون إلى أن يستقيل هذا الأخير من منصبه كرئيس للجمعية الأمريكية للأنثروبولوجيا الطبيعية. حري بالتذكير أيضا أن هذه الفترة أي أوائل الستينات عرفت تنامي حركة الحقوق المدنية والتي أعطت للتاريخ زعماء أمثال مارتن لوثر كينغ ومالكوم إكس. وقد كان أعداء هذه الحركة من اليمين المتطرف أو حركات التفوق الأبيض المعادين لأية مساواة بين البيض والسود يستغلون كل ما من شأنه أن يحول ضد إقرار هذه المساواة فكان أن وظفوا نظرية كوون في الأعراق للاستدلال على أن السود أحدث تطورا في سلم الحضارة وبالتالي فهم لا يستحقون منحهم نفس الحقوق كالبيض. لم يثبت أي دعم لهذا الطرح من طرف كوون لكن سكوته قد تكون له دلالاته أيضا
.
كان كوون قد انتقل بعد الحرب العالمية الثانية من جامعة هارفارد للتدريس في جامعة بنسيلفانيا، وهناك التقى تلميذه دافيد مونتغومري هارت والذي أخذ من كوون شغفه بدراسة الريف. واستمرت صداقتهما فيما بعد حيث استقبل هارت كوون في المغرب بعد الاستقلال أكثر من مرة
.
يمكن اعتبار كون آخر الأنثروبولوجيين الطبيعيين، لكنه قد يكون أيضا آخر الأنثروبولوجيين الموسوعيين، إذ شملت أبحاثه وكتاباته الأنثروبولوجيا الثقافية وعلم الآثار وعلم الإستحاثة
Paleontology
، بالإضافة إلى الإنتاج الأدبي وبالتحديد في مجال ما يسمى بالرواية الإثنوغرافية، أي الرواية التي تستمد موضوعها ومادتها من المعطيات المتوفرة حول ثقافات الشعوب وتقاليدها، بل إن كوون كان من الرواد القلائل لهذا النوع من الرواية. وإنه ليس من الغريب أن يكون موضوع الروايتين الوحيدتين اللتين أنتجهما كوون في هذا المضمار هو الريف والحياة الريفية، أولا برواية "لحم الثور الجامح
" Flesh of the Wild Ox 1932
، ثم بعد ذلك برواية "الريفي
" The Riffian 1933.
لقد كان كوون يشعر بتعلق شديد نحو الريف وقد كتب ذات مرة أنه كان يستطيع فهم لغة الريفيين وحديثهم حتى في أيامه الأولى في الريف لأن عقله وعقل الريفيين يعملان بنفس الطريقة. كتب كوون ما مجموعه عشرون كتابا في الأنثروبولوجيا الطبيعية والثقافية وعلم الاستحاثة والآثار والإثنوغرافيا وأدب الرحلة والسيرة الذاتية والرواية، وقد اعتبر نفسه مشدودا عاطفيا إلى الريفيين أكثر من أي شعب آخر قام بدراسته. يقول كون في سيرته الذاتية: "إن ما كتبته حول الريف لا يمكن مقارنته بأي شيء آخر كتبته بعد ذلك لأنني كنت ريفيا
".
لويس هنري موغران
(1818-1881)
محام وعالم إنسان أمريكي اهتم في بداية حياته بدراسة أمريند الايروكيز وغيرهم من سكان الشمال الشرقي الأمريكي الأصليين. حاول مورغان إعادة تركيب صورة المجتمعات الإنسانية وتصنيفها بغية التعرف على تاريخ المجتمع الأوروبي والمراحل التي مرَّ بها وصولاً إلى ما هو عليه في عصره. وقد تأثر مورغان بكتاب باخوفن
“
حق الأم
”
وبأبحاث لافيتو
.
نشر مورغان في عام
1851
بحثاً بعنوان “عصبة الايروكيز” أبرز فيه النظام الأمومي السائد وسط الايروكيز
.
وكان اهتمام مورغان بنظم القرابة والنظم الاجتماعية والسياسية كبيراً مما دفعه للقيام برحلات واسعة بين الأمريند، وراسل المبشرين العاملين في جهات مختلفة من العالم مستفسراً عن أنظمة القرابة والتنظيمات الاجتماعية لدى الشعوب التي يبشرون بينها
.
كما وأطلع على كتاب هنري مين “القانون القديم” الذي نشر في عام 1861. نتيجة تلك الأبحاث والقراءات أصدر مورغان مؤلفة عن “أنظمة القرابة والمصاهرة في العائلة البشرية” في عام 1871 وألحقه في عام 1877 بمؤلفه “المجتمع القديم
“.
نجح مورغان في إقامة البرهان، عموماً، على أنَّ علاقات القرابة تسيطر على تاريخ الإنسان البدائي،
وعلى أنَّ لهذه العلاقات تاريخاً ومنطقاً. واكتشف مورغان أن أنظمة القرابة في المجتمعات البدائية طباقية وليست وصفية وأن نقطة ارتكازها تبادل النساء بين الجماعات، وان الزواج الخارجي
(
الاغترابي/الاكسوجامي
)
لا يتنافى والزواج اللحمي (الداخلي/ الاندوجامي) لأن الزواج الاغترابي بين العشائر هو تكملة الزواج اللحمي بين القبائل. ولقد أوضح مورغان أنَّ العشيرة هي الشكل السائد من أشكال التنظيم الاجتماعي لدى جميع الشعوب التي تجاوزت مرحلة التوحش. وميز مورغان شكلين من أشكال العشيرة، العشيرة التي تنتسب إلى الأم والعشيرة التي تنتسب إلى الأب، وقال بالأسبقية التاريخية والمنطقية لأنظمة قرابة الأم على أنظمة قرابة الأب متبنياً بذلك واحدة من فرضيات باخوفن
.
انطلق مورغان في تحليله لأنظمة القرابة من واقعة لاحظها لدى الايروكيز الذين عاش معهم واطلع على حياتهم بشكل واسع. لقد كان نظام القرابة السائد لدى الايروكيز
“
متناقضاً مع علاقاتهم العائلية الفعلية”.. ففي الوقت الذي لم يكن فيه شك في حقيقة الأشخاص الذين كانوا آباءهم وأمهاتهم وبناتهم وإخوتهم يسميهم مورغان (بحسبانه أوروبي يعتمد النظام الوصفي للقرابة) أعمام وخالات … إلخ
.
وكان أبناء العم المتوازين يعدون عند الايروكيز أشقاء وشقيقات، وكان أبناء العم المتصالبون (أي المتحدرون من أخوات الأب ومن إخوة الأم) هم وحدهم الذين يسمون بأبناء العم. ولقد تولدت لدى مورغان القناعة، بعد استقصاء ومراجعة أكثر من
250
قائمة بمصطلحات القرابة عبر العالم بأسره، بأن التناقض المميز لنظام القرابة لدى الايروكيز موجود أيضاً في الهند وفي أمريكا الشمالية. ولتفسير هذه الظاهرة العامة افترض مورغان أن نظام القرابة يتطابق مع شكل عائلي منقرض يمكن إعادة بنائه فيما لو تم التوصل إلى فك لغز ذلك النظام. كان هذا التناقض تعبيراً عن السرعة المتفاوتة لتطور الأسرة، العنصر الحركي الفعال، ولتطور أنظمة القرابة، العنصر السالب المنفصل
.
الخلاصة
يتضح لنا من خلا هذا البحث المتواضع ان الانثروبولوجيا لم تنشىء بين ليلية وضحاها فهو علم قديم ولكنها لم تعرف اصطلاحيا بفهوم الانثروبولوجيا كمان نعرفها الان وقد تطورت وتشعبت علومها ولكن من خلال قرائتى لاعداد لهذا البحث فان ارى ان الانثروبولوجيا هى قسمين راسيين وهما الطبيعية والثقافية اما الانثروبولوجيا الاجتماعية فهى تندرج تحت الانثروبولوجيا الثقافية لان انساق اى مجتمع فهى نتاج الثقافة التى توارثها المجتمع وارى ان التاريخ بمفهومة القديم والجديد هو الثقافة اى ان الثقافة هى زاكرة المجتمعات والشعوب والتى بدورها تجعلهم يتصرفون كل تصرفاتهم التى يفعلونها الان
وقد فازت الانثروبولوجيا الامريكية عن الانثروبولوجية البريطانية لانه اسهمت كثيرا فى توطين الامريكان ( الاوروبيون الجدد) فى ارض الهنود الحمر( الشعب الاصلى) بل قفذت الى خارج حدود القارة ومايحدث فى كل مكان تريد ان تكون لامريكا فية اليد العليا فهو من فعل الانثروبولوجيا( انظر العراق / افغانستان / ايران / اليمن / الصومال / الطامة الكبرى السودان).
المراجع
1)
شاكر مصطفى سليم ، قاموس الانثروبولوجيا ، جامعة الكويت
2)
حسن فهيم ، قصة الانثروبولوجيا ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ،
3)
تقي الدباغ وقيس النوري ، علم الإنسان الطبيعي ، جامعة بغداد ، 1983 ،
4)
-
www. Annabaa .com
5)
قباري محمد إسماعيل ، الانثروبولوجيا العامة ، دار المعرفة الجامعية ، الاسكندريه، 1989، صص 9-26
6)
- محمد عبده محجوب الاتجاه السوسيوانثروبولوجي في دراسة المجتمع وكالة المطبوعات الكويت ، ،
7)
:
R.T.Schaefer
,
Sociology: A, brief introduction, sixth edition, The university of California
press, N.W, 2006, -
8)
www.iraqgreen.net/modules.php?name=News&file..
9)
cursillo-canada.org/2008/henry-lewis-morgan.html
10)
arz.wikipedia.org/wiki/
مرجريت_ميد
11)
ar.wikipedia.org/wiki/
علم_الإنسان
الأنثروبولوجيا الأمريكية
هناك تعليق واحد:
Unknown
5 أبريل 2020 في 7:25 ص
الخط غير واضخ لااستطيع القراءة يرجى الكتابة بخط عادي مع الشكر
رد
حذف
الردود
رد
إضافة تعليق
تحميل المزيد...
رسالة أحدث
رسالة أقدم
الصفحة الرئيسية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
الخط غير واضخ لااستطيع القراءة يرجى الكتابة بخط عادي مع الشكر
ردحذف