الصفحات
الصفحة الرئيسية
كتب
مقالات
أبحاث
الجمعة، 16 يناير 2015
صراع الثقافات المتعددة
علي الرغم من أن ماوصل له إنسان القرن العشرون والحادي والعشرون بعقله ووعيه إلي ضرورة احترام ثقافةالآخر واحترام إنسانية الإنسان بعد الصراع الطويل ما بين العقلية التقدميةوالعقلية الرجعية وكانت النتيجة هي الانتصار الكبير الذي حققه الإعلان العالميلحقوق الإنسان الذي نص في ميثاقه على ضرورة المساواة بين كافة البشر وحل مسألةالتمييز النوعي والعرقي ، وضمان حق المواطنة التي أساسها الحقوق والواجبات مماأتاحت الفرصة للمنظومات والحركات الفكرية السعي إلي حل مسألة صراع الثقافاتالمتعددة التي لم تستطيع العيش معاً سواء أن كانت على المستوي الثقافي أوالاجتماعي أو الديني ، وغيرها من الخصائص التي تميز كل منهما عن الأخرى ، والأنماطالثقافية والخصوصية الثقافية التي يجب احترامها في ظل التعدد والتنوع . وعلي الرغممن المحاولة الجادة في حل ذلك الصراع إلا أن لا يزال الصراع يهدد حياة ملايينالبشر بعد ظهور التيارات المتطرفة التي تنطلق من المفاهيم الدينية أو الأيديولوجية، ومن ثم الناحية الثقافية أو العرقية وكلاهما تقودان إلي عملية الصراع ويصلالصراع إلي مرحلة الاقتتال والاحتراب وإبادة الأفراد والجماعات بدلاً من الحواروالتعايش السلمي هذا ما لفت انتباه بعض من الكتاب والمفكرين والباحثين من بينهمالمفكر العالمي صمويل هنتغتون لافتاً الانتباه للرأي العام العالمي بإصدار كتابهصراع الحضارات وأثاره هذا الكتاب جدلاً في وسط المفكرين وأصحاب الرأي مما لايوافقه ويؤيده الكثيرون دون وعياً وإدراكاً منهم وذهب بعضهم إلي نفي تلك الصراعاتعلي الرغم من تواجدها . إن الاعتراف بالصراع لا يقود إلي عملية الصراع بل العكسيقود إلي مركز تشخيص تلك الأزمة التي تهدد حياة البشر ومن ثم وضع الحلول لها. وماظهور الإرهاب وحركات الجهاد الإسلامي والقاعدة إلا نتيجة للجدل القائم بينالثقافات بمفهومها الكلي في محاولة ثقافة ما إثبات رسالتها بأنها عالمية في سعيهالفرض اللغة والدين والمحمول والموروث الثقافي لأنها هي الأفضل في مفهوم حامليهاوما سواها دون ذلك وهو صراع قائم لم ينتهي بعد ، هذا ما أدى إلي شعور بعض القومياتبأن صراع ما تهدد هويتها ومحو ثقافتها وعدم احترامها لذلك ظهرت فكرة العودة إليالجذور والاهتمام بالثقافات واللغات الأفريقية من قبل بعض الطلاب الذين درسوا فيالجامعات الأوروبية أمثال إيمي سيزار ورفاقه من بينهم ليوبلود سيدور سنغور حينماوجدوا النظرة الدونية من قبل الأوربيين للإنسان الأفريقي ومن ثم لغته وثقافتهمحاولاً إيمي إنكار ورفض لتك الأفكار والتصورات فيما ذهبوا إليه الأوربيين عبرالعودة إلي الجذور ولذلك قال سيزار ( نعرف عن أنفسنا عبر العودة إلي جذورناواكتساف ذاتنا ) رافضاً النظرة المختلةبالرجوع إلي التاريخ والحضارات الأفريقية القديمة التي سبقت حضارات شعوب العالم فيالإنسانية مستدلاً أن الثقافات الأفريقية مثلها مثل جميع ثقافات شعوب العالم ويجباحترامها ، ما وقع فيه الأوربيين من أخطاء شنيعة في حق الإنسان الأفريقي بفرضثقافتهم ولغتهم ودينهم لم يكتفوا بذلك بل وصلت الوحشية إلي درجة استعمار القارةالأفريقية واستعباد شعوب القارة السمراء وممارسة تجارة الرق وغيرها من الممارساتاللإنسانية وهي نفس الأخطاء الذي وقع فيه العرب حينما فرضوا اللغة العربية والدينالإسلامي على غيرهم من الشعوب بحجة أنها رسالة عالمية ولغة القرآن ولغة أهل الجنةالغاية منها ليست عالمية الرسالة كما يقولون بل فرض ثقافة أو أيديولوجية سواء كانتدينية أو فكرية فما هي إلا محاولة لطمس هوية الشعوب الأخرى عبر استخدام المقدسالديني لإثبات عالمية الرسالة واللغة والدين لإعادة إنتاج الثقافات في بوتقةالثقافة الإسلاموعروبية ، لم يخلو تجربة الاتحاد السوفيتي الفاشلة في محاولة إعادةإنتاج الثقافات في بوتقة اللغة والثقافة الروسية علي دول الاتحاد السوفيتي التي لمتتحدث اللغة الروسية ونتيجة للقهر الثقافي الآن كثير من دول الاتحاد السوفيتيسابقاً تتحدث اللغة الروسية علي سبيل المثال دولة أوكرانيا ، أما السودان يعاني منالصراع بين الثقافات في محاولة جدلية لفرض لغة التعامل في دواوين الحكومة وتدريساللغة العربية في المؤسسات التعليمية دون مراعاة التعدد الديني واللغوي والثقافيوهي نقطة محورية ونقطة تساءل في هيمنة اللغة العربية والدين الإسلامي على مؤسساتالدولة وجعلوا التحدث باللغة العربية مقياس للإنسان المثقف الذي يتحدث العربيةوالنظرة الدونية للإنسان الذي يتحدث لغته والتقليل من قيمة اللغات الأخرى وهيالأفريقية بأنها لغات محلية ، نتساءل كيف انتشرت اللغات الذي يقال أنها عالمية وماهو أسباب انتشارها من المعروف في زمن الفتوحات الإسلامية كانوا المسلمون يقهرونالشعوب الذين وقعوا تحت الفتح الإسلامي بتعلم اللغة العربية والدخول في الدينالإسلامي بالإكراه مما أدى إلي انتشار الدين الإسلامي واللغة العربية ، أماالانجليز والفرنسيين فرضوا لغتهم وثقافتهم عبر بوابة الاستعمار وقهروا الشعوب منهاالأفريقية للتحدث بلغتهم وتدريسها في مؤسسة التعليم النظام الذي شيده المستعمرلذلك صارت عالمية ليست علمية كما يروج له أصحابه لأن الصين واليابان والهند منالدول الصناعية إذن لماذا لم تكن اللغة اليابانية أو الهندية لغات العلم والزعمبأن اللغة الانجليزية لوحدها أو الفرنسية هي لغات العلم وهذا ما يشير إلي أن هناكصراع بين الثقافات وليس ببعيد حينما زعم ديكارت بأن اللغة الفرنسية هي لغة العلموأتى بمبررات لإثبات مدى صحة حديثه ولا يزال الصراع قائم بين الثقافات ، أين موقعالثقافات الأفريقية من تلك الصراعات التي تهدد بقائها واستمراريتها وهم يتحدثونالانجليزية والعربية والفرنسية تاركون لغاتهم دون تطويرها وتأسيس مراكز ثقافيةللحفاظ على الثقافات واللغات الإفريقية ، في الوقت الذي يتحدث فيه الشعوبالأفريقية اللغة العربية والانجليزية والفرنسية لا يحاول أصحاب تلكم اللغات تعلماللغات الإفريقية لدونيتها والتقليل من شأنها والسعي الجاد لتأسيس المراكزالثقافية في البلدان الأفريقية لتطويع الشعوب الأفريقية وانقيادهم نحو اللغةوالثقافة وهو ما يدعى الاستعمار الثقافي واللغوي الذي يحاول أصحاب اللغات التيظهرت الاكتشافات بلغتهم ونزل الأديان بلغتهم لجعلها سبباً لفرضها علي الآخرينوإخضاعهم للتحدث بها ومحاولة الآخرين دون وعياً وإدراكاً منهم الانجراف خلفهاوأحيانا باسم القومية والوحدة الوطنية يسعى أصحاب الثقافة المسيطرة على الدولةبفرضها على المجموعات العرقية والثقافية التي تختلف عنها عرقياً وثقافياً ودينياًلتوحيدهم في إطار ثقافة ولغة واحدة تجمع بينهم أو من خلال المناهج الدراسية لتمريرثقافة الفئة الحاكمة وتدريسها على القوميات الأخرى لذلك ظهر مفهوم الأقلياتالثقافية والدينية والعرقية للإشارة إلي المجموعات المضطهدة ثقافياً ودينياًوعرقياً من قبل الأغلبية أو الأقلية الحاكمة التي تسيطر على مؤسسات الدولة وتعكسعبرها ثقافتها ولغتها ودينها مما يقود إلي ظاهرة الصراع الثقافي بتنافر الثقافاتمع بعضها البعض بدلاً من الانسجام وللحد من هذا المأزق يحتاج لمزيد من الدراساتالعلمية والأبحاث الابستمولوجية كما يتطلب أيضاً من المنظمات العاملة في حقوقالإنسان والمهتمين بالشأن الثقافي العمل لوقف الهيمنة الثقافية والقهر الثقافيوالاستعمار والاستلاب الثقافي من أجل وقف سيادة مجموعة ثقافية أو عرقية أو دينيةعلى الأخرى من أجل بقاء جميع الثقافات وحفظها من الاندثار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
رسالة أحدث
رسالة أقدم
الصفحة الرئيسية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق